بقلم: جُمانة صالح في 2/29/2024
الادعاء الديني بأحقيتهم في الأرض المقدسة:
ـ يزعم اليهود الصهاينة المعاصرين بأحقيتهم في الأرض المقدسة التي وعد بها الرب النبي إبراهيم عليه السلام حينما قال له في التوراة: "لنسلك أعطي هذه الأرض من نهر مصر إلى النهر الكبير نهر الفرات". سفر التكوين 15/18
وبناءً على ذلك نبين الحقائق التالية:
1ـ إن الوعد الإلهي كان للنبي إبراهيم عليه السلام وذريته في كل من إسماعيل وإسحاق عليهما السلام، وعليه فالوعد يشمل ذرية إسماعيل وذرية إسحاق. وإذا كان اليهود متشددين في هذا الموضوع بنسب الحق لإسحاق دون إسماعيل فنحن أيضاً سنرد عليهم بمستوى عقولهم بالقول: إن إسماعيل أحق من إسحاق بهذا الوعد كونه الولد الأول للنبي إبراهيم وهو أحق من غيره كونه الابن البكر الذي ولد قبل إسحاق بأربعة عشر عاماً، ومن المعلوم أن الزعامة الدينية والاجتماعية تكون دائماً للابن الأكبر.
2ـ إن الوعد الإلهي بامتلاك الأرض المقدسة يستحقه ذرية النبي إبراهيم من بني إسرائيل الكنعانيين الأصليين وليسوا يهود اليوم الذين لا ينتسبون إلى بني إسرائيل القدماء وإنما تعود أصولهم إلى أوروبا وأميركا وآسيا، وجلهم من يهود الخزر الذين لا يمتون بصلةٍ لا إلى الكنعانيين ولا إلى بني إسرائيل إذا كان ولا بد من الفصل بينهما كما يفعل الصهاينة وبعض المؤرخين لأهداف سياسية بحتة رغم أن بني إسرائيل هم جزء من الشعب الكنعاني. ولا بد من الإشارة هنا أنه إن كان للصهاينة حقُ تاريخي فأولى لهم أن يطالبوا به في مملكة الخزر* وليست بفلسطين التي لم يروها حتى في أحلامهم.
3ـ إن الوعد الإلهي لا يشمل اليهود عامةً وإنما يشمل يهود بني إسرائيل حصراً ممن هم من ذرية النبي إبراهيم عليه السلام، وبذلك فهو يشمل اليهود العرب الكنعانيين أصحاب الأرض الحقيقيين وليس يهود العالم أجمع.
4ـ إن الوعد الإلهي يشمل المسلمين من بني إسرائيل كدين سماوي إبراهيمي ولا يشمل اليهود كشريعة يهودية بحتة حُرفت فيما بعد بما يناسب أهداف الحاخامات وكبار القادة، فالنبي إبراهيم عليه السلام كان مسلماً كدين سماوي ولم يكن يهودياً حسب الشريعة اليهودية الحالية، وأصدق دليلٍ على ذلك ما جاء في القرآن الكريم: "ما كان إبراهيم يهودياً ولا نصرانياً ولكن كان حنيفاً مسلماً وما كان من المشركين" آل عمران/ 67
5ـ إن الوعد الإلهي يشترط بالإيمان الخالص والعمل الصالح المذكور في الديانات السماوية، وهذا لا يشمل اليهود الحاليين من لقطاء الخزر وأوروبا وأميركا والهند وإفريقيا الذين ينتسبون للحركة الصهيونية الموسومة بالعنصرية والتوسعية والعدوانية. وهذا ما نراه من خلال معارضة اليهود الملتزمين بالدين اليهودي الحقيقي وهم قلة قليلة للحركة الصهيونية السياسية المتشددة التي تمارس العنف والقتل والاضطهاد في الأرض المقدسة وما يجاورها من بلدان عربية أخرى، وتستخدم الدين لتحقيق أهداف سياسية واقتصادية بحتة لصالحها.
6ـ نحن كمسلمون لا نسلم بصحة ما جاء في التوراة لا سيما بعدما حُرفت ودُس فيها الكثير من الروايات الإسرائيلية الكاذبة التي تسعى لتحقيق أهداف شخصية وسياسية، وأثبت ذلك من خلال جرأة حاخامات اليهود على الله عز وجل في كتابهم وجرأتهم على الأنبياء في وصفهم بألقاب وأفعال لا تليق بالأنبياء ولا يصدقها العقل، وإن كان البعض يُسلم بها كدليل وثائقي فقط فنحن لا نسلم بالتفسير اليهودي التعسفي الذي يفسرها بناءً على هواه ومصالحه دون دلائل وبراهين مثبتة.
وفي الخاتمة: إن مزاعم اليهود بأحقيتهم الدينية والتاريخية في الأرض المقدسة لا يثير الغضب، وإنما ما يثير الغضب والرعب هو تأثر بعض الأعراب والمتأسلمين بتلك الروايات الخرافية ومحاولة الدفاع عنهم والتطبيع مع كيانهم المصطنع على حساب الشعب العربي الفلسطيني الذي يناضل على كل الجهات وفي جميع الساحات منذ زمن، ناهيك عن وصف البعض اليهود بأنهم ورثة الأنبياء مع أنهم لا علاقة لهم لا بالأنبياء ولا بالديانات السماوية ولا بالأرض التي سرقوها من شعبها العربي الحقيقي فورثة الأنبياء لا تُحصر بدين معين أو ملة محددة وإنما يشترط بها العمل الصالح والإيمان الخالص.
ومن واجب النخب الفكرية نشر الثقافة الدينية والعلمية لأجيالنا الذين يتعرضون للغزو الفكري الذي يعد من أشرس أنواع الغزو والذي يستهدف إفراغ التاريخ وتهميشه كوسيلة للسيطرة على أراضيهم واقتصادهم وعقولهم ونفوسهم؛ لذا وجب تحصين الأبناء والأجيال القادمة بتعليمهم تاريخهم وتراثهم وفكرهم ومعتقداتهم الغنية بالقيم والأخلاق الحميدة.
هوامش:
*مملكة الخزر: تقع جنوب روسيا، يدين سكانها باليهودية التي اعتنقوها في القرن السابع ميلادي واستمرت المملكة بعاصمتها (إتل) لمدة قرنين من الزمن حتى سقطت على يد أمراء روسيا عام 964م.
إن إدارة الموقع ترحب بجميع اقتراحاتكم وآرائكم وهي على تواصل دائم مع قراء وداعمين الموقع